فضاءات المتسائلين






الحياة سؤال محير كبير..تتفرع منه عدة أسئلة.
لو قلبت الوجه الآخر للحياة فلن تجده إلا سؤالاً ضخمًا.
تتساقط عليك الأسئلة من كل مكان كما زخات البرد، الكل يسأل، ولا أحد يملك الإجابة الكاملة.
قد تتقمص الأدوار فتكون مرة سائلاً ومرة مسؤولاً.
انضممت إلى قافلة السائلين والمتساءلين عندما انضممت إلى مهنة التعليم.
حين تصبح معلمًا يصبح السؤال جزءًا من تكوينك المهني وليس حتمًا الشخصي.
(يجب ألا يُستخدم السؤال وسيلة لعقاب الطالبة) قالته المشرفة التربوية ذات اجتماع. ولكن.. مارأيكم فيمن يستخدم السؤال ليعاقب نفسه؟


أكثر الأسئلة استخدامًا لدى المعلمين: ما وماذا وقليلاً كيف وأقل منه وأندر: لماذا؟
لماذا.. السؤال الذي لا يحبه أحد.
لماذا.. يفتح هواجس الإجابات ويرجرج سكون الحقائق؟
لماذا الفصول أربعة؟
لماذا تزدحم الشوارع؟
لماذا المعلم محبط؟
لماذا الطالب يكره المدرسة؟
لماذا تجيء مبكرًا؟
ولماذا تتأخر؟
لماذا لم يعد المطر يهطل؟
لماذا مخرجات التعليم ليست بحجم مدخلاته؟
لماذا القطط تأكل صغارها والعقارب يأكلها صغارها؟
لماذا وأنت في ريعان الشباب يغزو الشيب رأسك؟
لماذا المديرات أشد تمسكًا بالنظام من المديرين؟؟
لماذا المعلمات أكثر حرصًا من المعلمين؟
لماذا الطالبات أكثر تفوقًا من الطلبة؟
لماذا يهبط سوق الأسهم؟ ويرتفع النفط؟
لماذا تشتري الصحف ولاتقرأها؟
وتستلف الكتب ولاتعيدها؟
لماذا خطك جميل وصوتك مزعج؟
لماذا ولماذا ولماذا...
وأترك كل قارئ ليكمل رحلة الـ(لماذا)...دون انتظار إجابة.
في السنة الماضية اشتركت في ورش عمل الاختبارات التحصيلية.. ولأيام تطاولت،كان همنا الوحيد البحث عن السؤال، المكان كان يعج بالأسئلة، الكل يتصيد الأسئلة، كنا ننبش مخزون الكلمات لنضع لها أسئلة. لم نترك صفحة ولا فقرة ولاسطرًا في أي مقرر إلا ووضعنا له كل ما يحتمل وما لا يحتمل، لوينا أعناق الأسئلة بل كسرنا أعناقها في رحلة البحث عن الأسئلة.
عشرات الساعات قضيتها أمام الحاسب وأنا أنقل ما كتبناه نهاية كل يوم، عملنا بجد وجهد وحماس ومحبة، فريق عمل وحيد موحد الأهداف.
كل ذلك لنكون معًا بنك الأسئلة الذي قيل لنا إنه سيسلفنا الكثير من الأسئلة النموذجية قبيل الاختبارات، وسيكون المرجع لكل المعلمين والمعلمات، ولكن حين حان الوقت قيل لنا: ضعوا أسئلتكم بأنفسكم ولكن بمواصفات قياسية. كانت الصدمة مروعة والمكافأة غير مجزية.
وبدأت الرحلة وانكببنا جميعًا على إعداد أسئلتناالجديدة القديمة، وأبلينا بلاء كبيرًا.
وفي النهاية وضعت أسئلة كالأسئلة ونجح الطلاب والطالبات كما ينجحون دومًا.وماذا بعد كل ذلك، لا شيء يستحق!
كنت كثيرة الأسئلة حين كنت طالبة. كنت أريد أريد أن أفهم كل شيء وأعرف كل شيء وأقتنع بكل شيء. كان هاجس السؤال يلاحقني في كل مكان، ونهم المعرفة يقلق راحتي, وبقدر ما كنت أتلقى أجوبة من معلماتي مقنعة أو مسكتة أو مضحكة أحيانًا، بقدر أني لم أفكر بأن أتوقف عن السؤال.أتذكر كل ذلك اليوم وأطلب من معلماتي السماح، إن سببت لهن أي إزعاج.
واليوم وأنا معلمة بعد كل هذه السنوات أتوق إلى أن تسألني طالباتي، أن يفتحن حوارًا معي فيما يتلقين، أو حتى يبدين رأيهن فيما يدرسن، ولكن..ذلك لم يحدث أبدًا.
ذات حصة قلت لهن بعد أن انتهيت من الدرس: هل يوجد سؤال، أو استفسار أو تعليق؟ وطبعًا جاءت الإجابة المعتادة: لا..لا..لا..
رددت عليهن: أتعرفن ماذا أتمنى؟ أتمنى من كل قلبي أن تقلن ولو مرة واحدة نعم لدينا سؤال. ردت إحداهن، أستاذة: أنا عندي سؤال: فرحت كثيرًا وقلت ماهو؟
قالت: ما هو الواجب؟
ضحك الجميع وضحكت معهم.. لقد مات السؤال.



ملاحظة : تم نشرها في مجلة المعرفة

3 التعليقات:

ماجد المطيري يقول...

وانا أقراء كلامك أتذكر طموحي وهو التطبيق العملي لما تعلمته والابتكار في مجالي

ولم أفكر يوم أن أكون معلم لكن بسبب قلت الوظائف كان التدريس أخر فرصتي في العمل ومع ذلك أعمل بإخلاص في التعليم وتعليم الطالب كل شي مفيد

ولو أقول لكي أنني أضرب بعرض الحائط قوانين التعليم عرض الحائط في اسلوب تعليمهم واضع أسلوبي حسب النوعية التي أمامي

ودائماً تكون دروسي عبارة عن نقاش تام

فأنا قبل أن أدخل للفصل أكتب كل ما أر يد على شكل نقاط في ورقة صغيره ثم أزيد من معرفتي لهذه النقاط من خلال الكتب والانترنت على الموجود لدي من معلومات وما هو موجود في الكتاب

بهذا أنا لا أحتاج إلى سؤال وجواب في فصلي

والحمد الله التفاعل جميل جدا

تذكري انني طبقةهذه الطريقه على نوعيات مختلفة

طلاب صباحي

طلاب مسائي

طلاب ليلي


كانت النتيجة هي التفاعل


طبقيها أختي وفاء وأكتبي النتيجة في موضوع


وبتوفي لكي

طبـ الوفـا ـعي يقول...

اهلا بك استاذ ماجد..

لله الحمد من قبل ومن بعد ..ولا نعلم اين الخيرة ..
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ( لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) أو كما قال صلى الله عليه وسلـّم .

قد نثقل هذه المهنة ميزان حسناتك دون علمك ..بعطائك ..وتوجيهك ..وابداعك..ولكن علينا الا نضيع ذلك الجهد المبذول ونخلص العمل لله ..
/

\

/

علني استشف مما سطرت سر نجاحك وتألقك ..فهنيئا لطلابك بكـ ..


وبلا مبالغة انا اتبع نفس السيستم الذي تتبعه .."لازم يطغى طابع التخصص"
وخصوصا في النقاط الرئيسية في الورقة الصفراء:)..



شآكرة لك روعة مدآخلتكـ ..
دمت مبدعا بإضافتكـ في بلا حدود ..


/

\

/
وللعلم.. التدوينات في (يوميات معلمة) لصديقة لي ..رحمة العتيبي
المصدر موجود اخر التدوينة وكذلك هنآ..
http://fofo80.blogspot.com/2008/12/blog-post_12.html

شكرا لك

غير معرف يقول...

شكرا لكل من مر وصافحت عيناه كلماتي...
لكن الأديب لايطالب بنقل الواقع بحرفيته..بل هو يعبر عن الواقع والوقائع من خلال وجهة نظره...
والأعمال الأدبية لاتناقش نقاشا عقليا أو علميا صرفا ياأستاذ ماجد..بل تقرأ لما فيها من متعة فنية وأدبية بالدرجة الأولى..
وعموما شكراعلى مرورك أنت والأخت وفاء على مقالاتي ،
والتي نشرت كلها في مجلة المعرفة وتجدونها على موقعها الإلكتروني
http://www.almarefh.net/

رحمة العتيبي